الإيمان هو : الدين وهو : اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وعلى ذلك حُكِيَ الإجماع المستند إلى الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة ، عن كل من يدور عليه الإجماع من الصحابة والتابعين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في : " الفتاوى : 7/209 " :
" قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : وكان الإجماع من الصحابة و التابعين بعدهم , ومن أدركناهم , يقولون : الإيمان قول و عمل و نية , و لا يجزئ واحد من الثلاث إلا بالآخر " انتهى .
و قال البخاري - رحمه الله تعالى - : " لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار , فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان قول و عمل , ويزيد و ينقص " أخرجه اللالكائي في : " أصول الاعتقاد " بسند صحيح .
ولجلالة هذه المسألة وأهميتها افتتح الإمام مسلم - رحمه الله تعالى- صحيحه : بـ " كتاب الإيمان " وساقه الإمام البخاري - رحمه الله تعالى - في : " الكتاب الثاني " من : "صحيحه" بعد : " كتاب بدء الوحي " وفي هذا تأكيد على أن حقيقة الإيمان هذه مبناها على الوحي و أكثر أبوابه التي عقدها - رحمه الله تعالى - للرد على المرجئة وغيرهم من المخالفين في حقيقة الإيمان , و بعضها للرد على المرجئة خاصة كما في الباب /36 منه [ انظر الفتاوى 7/351 ] .
و لأهميته - أيضا - أفرده الأئمة بالتأليف منهم : أبو عبيد ، وأحمد بن حنبل ، وابن أبي شيبة ، والطحاوي ، وابن منده ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وغيرهم - رحم الله الجميع - .
وعلى هذه الحقيقة للإيمان بني المروزي - رحمه الله تعالى - كتابه : " تعظيم قدر الصلاة " و الصلاة هي أعظم الأعمال و أعمها و أولها و أجلها بعد التوحيد , و هي شعار المسلمين , و لهذا يعبر عنهم بها , فيقال : اختلف أهل الصلاة , واختلف أهل القبلة .
ولعظم شأنها عنون أبو الحسن الأشعري - رحمه الله تعالى - كتابه في الاعتقاد باسم " مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين " أي أن غير المصلي لا يُعَدُّ في خلاف ولا إجماع .
والمخالفة في تلك الحقيقة الشرعية للإيمان : ابتداع ، وضلال ، وإعراض عن دلالة نصوص الوحي ، وخرق للإجماع .
وإياك ثم إياك - أيها المسلم - أن تغتر بما فاه به بعض الناس من التهوين بواحد من هذه الأسس الخمسة لحقيقة الإيمان لاسيما ما تلقفوه عن الجهمية وغلاة المرجئة من أن " العمل " كمالي في حقيقة الإيمان ليس ركناً فيه وهذا إعراض عن المحكم من كتاب الله - تعالى - في نحو ستين موضعا , مثل قول الله - تعالى - : { ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون } [ الأعراف/43 ] ونحوها في السنة كثير ، وخرق لإجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان .
وإياك يا عبدالله من الجنوح إلى الغلو فتهبط - وأنت لا تشعر - في مزالق الخوارج الذين تَبنَّى - في المقابل - مذهبهم بعض نابتة عصرنا .
بل إياك ثم إياك أن تجعل أيا من مسائل العقيدة الإسلامية " عقيدة أهل السنة والجماعة " مجالاً للقبول والرد ، والحذف والتصحيح ، بما يشغب به ذو هوى ، أو ينتحله ذو غرض فهي - بحمد الله - حق مجمع عليه فاحذرهم أن يفتنوك . ثبتنا الله جميعا على الإسلام والسنة ، آمين